نبيل الصوفي
من يوم تعيينه الأول.. من أول يوم في السويد، ونحن في نيوزيمن، نحاول الاحتماء من الخط الإعلامي الدولي الذي بدأ حفلاته بنجاح السلام في اليمن.
كل وسائل الإعلام بما فيها إعلام التحالف.. إعلام السعودية.. إعلام الإمارات.. كل هذا الإعلام بدأ مهرجان الانتشاء.. متحدثاً عن القضية بحياد عجيب.
إعلام بلا أي توجُّه عاطفي تجاه القضية اليمنية.
من أول يوم تقافز الإعلام ليؤكد نجاح اليمنيين في اتفاق الأسرى.
وكل وسائل الإعلام كان هذا توجُّهها.. حتى لو تضمن التقرير أو الخبر معلومات تقول النقيض.. فإن التوجه الذي يستخدم هذه المعلومات بدا كأنه صادر من مكتب جريفيث.. كل الإعلام بدأ يوزّع التفاؤل، وفقاً لتعبير جريفيث.
ومع وصول باتريك، كان السِّباق أن كل طرف يريد أن يقول للعالم إنه محتفٍ بالذي يحصل.. كان الجميع يريد أن يدير حملة علاقات عامة ضخمة، تشبه حملة 2011م.
الإعلامي، يقدم أخباراً كأنه سيدخل العقوبات إن قال إنها كلّها كذب.
والسياسي، يبتسم ملء وجهه في لحظة يقول فيها كلاماً يؤكد أن الوجع اليمني هو المنتصر الوحيد على اليمنيين.
ويتحمل العسكري الوطني القومي، وقبله التهامي المدني.. العبء وحيداً.
إعلامنا كله من يتكلم عن خروقات.. ويغرّر بالتوجّه كله.
مَالَأَ السياسيين وتخلّى عن العسكريين.
وحدها قناة المسيرة الحوثية، كانت تغطي الأحداث بما يصعد الشعور بالتحدي في روح من تمثلّهم.
قلنا لليمنيين من أول يوم، إن السويد نعيٌ للجمهورية اليمنية.. وقتل للشرعية الميتة أصلاً..
فليقُل السياسيون ما يريدون.. الإعلام يموت حين يصبح مجرد وسيلة لترويج خطط السياسيين. أنا لا أدين السياسي.. فليعمل ويقُل ما يقتضيه تصوره، أما الإعلام فهو وسيلة أخرى.
وأنا هنا أحيي إعلام الحوثي.. كان شريكاً كبيراً لأطراف جماعته الساقطة، سينشر لمحمد عبدالسلام الكلام المعسول، ثم يذهب للميدان لينقل صوت الموالين له ويتحدث بهم وعنهم. فيما إعلامنا مفصول العلاقة بالناس.. يسير وفق قرار سياسي..
كيف يتجرأ السياسيون على إدارة الإعلام وهُم منذ خمس سنوات ينتقلون من فشل إلى فشل؟
على الأقل كل طرف يدير ذاته إلى أن يحقق أحد منا نجاحاً، بعدها نتحدث عن السيطرة..
نشرنا في نيوزيمن حتى مخطط الحوثيين تجاه باتريك.. وإعدادهم لمظاهرات ضده، ونشرهم قواتهم.
وبدلاً من أن تسمعنا قياداتنا وتعيد رسم استراتيجيتها لإدارة الإعلام.. استمر الإعلام كله وإلى اليوم في غرفة مكيّفة بربطة عنق أنيقه.. مفصول الصلة بالناس وبغبار الحديدة وأوجاعها.. والمشكلة أنه بهذه الأناقة كلها يدّعي أنه سيواجه "الحوثي بغباره".
ويحق لباتريك أن يضيف في سيرته أول سطر في هزيمة الحوثي.. لقد هزم ادعاء الحوثي من لحظته الأولى.
هزم أكاذيب الحوثي، كما هزم حملة العلاقات العامة للإعلام والسياسيين الذين تبايعوا باليمن واليمنيين. بمن فيهم الشرعية المهترئة.
ولاحظوا.. بعد ساعات من انتصار باتريك.. لا يزال الإعلام بارداً.. كل الإعلام.
يرعاكم الله يا رجال الفيس بوك.. المنتمين لأوجاع بلادكم.. أنتم خير من كل وسائل إعلام التحالف والشرعية وما جاورها..
في قلوبكم حرقة قضية.. تشتركون مع أبنائكم وإخوانكم في ميدان الدم.. والمسؤولية.