كتب: عبدالله احمد صالح بن اسحاق*
*قالت صنعاء:* متى نلتقي يا عدن؟
*فأجابت عدن:* بعد عام وحرب.
*صنعاء:* ومتى تنتهي الحرب يا اختاه؟
*عدن:* لا اعلم ولكن قد تتأخر طالما من ابنائنا يمارسون العمالة والاسترزاق والفجور حريصون على اطالة امد الحرب لإطالة فترة عقود استرزاقهم، وطالما جاراتنا يتسلى الطائشون من ابنائهن بتمويل مشاهد تحويل الرجال الى نمل يتصارع على قطعة طين وقطعة قماش ملونة، و ويضنون انه لا يمكن للمرء ان يكون بطلا دون ان يدمر الارض.
*صنعاء:* نعم لقد تشتت الابناء يا عدن وفلت الميزان، واختفى صوت القانون وسط صليل القصف و الانفجارات، تشعثت ثيابهم وعقولهم وفقدوا بوصلة طريق مستقبلهم وتشعثت قلوبنا يا اختاه. يضنون ان الحرب لعبة مباراة سيطلقون صفارة بدايتها في ساحل الحديدة أو ابين ويجهلون انهم قد لا يستطيعون اطلاق صفارة نهايتها والميت منهم من سيشهد نهايتها، يجهلون انها لن تحرق حاضرنا فقط بل سيستمر فينا رمادها الى ما بعد خمود حرائق الموت.
*عدن:* اصبحت الحرب تدور بين ابنائنا لحساب اشخاص يتصافحون ولايقاتلون بعضهم بعضا، اسعروا الحرب في عقول وقلوب ابنائنا ليسعروها في اجواف مدافع الدمار بارضنا.
*صنعاء:* نعم لقد اصبح ابنائنا وقود لحربهم، انهم يرون ثمن الدمار رخيص، وثمن اعادة اعمار ما تدمره حربهم لا يوجد من يطالب به.
*عدن:* اخبريني يا صنعاء عن ابنك الصغير الذي ترك التعليم وحارب في تعز ونجاء ؟
*صنعاء:* لا احد ينجو من الحرب يا اختاه، فهذا الناجي منهم مصاب بكسر في جمجمته ورضوض في زنده، وشظية عطلت احد كليتيه واخرى استقرت في مثانته. ومن نجاء من الشظايا منهم لن ينجو من الاحزان.
*عدن:* نعم ولكن رغم انهم يعون ان لا احد ينجو او ينتصر في الحرب سوى الحرب نفسها وان الحرب هي التي تنتصر على الجميع وتأكل الجميع، الا انهم لازالوا يحشدون اليوم في ابين لمعركة جديدة اسموها بالحرب الاخيرة.
*صنعاء:* لا يوجد ابدا معركة اخيرة فمتى بدأت الحرب فإنها لا تنتهي، فالحرب مثل الحريق، لا تنحصر في مكانها بل تتسع لتأكل الاخضر واليابس من حولها، وان من يستمتع اليوم بمشاهد الحرب عن بعد على الشاشات بالنظارات ثلاثية الابعاد لن ينجو من حرارة لهيبها ومآسيها، انهم يصنعون المآسي باستغلال افضل ما لديهم ليلحقوا بأنفسهم و بالإنسانية اسوى ما لديهم.
*عدن:* المؤسف يا صنعاء الحبيبة ان الحروب قد تحولت الى تجارة يقتات منها تجار البارود في العالم، اراهم اليوم يحركون اذرعهم ليحشدون البارود في ايدي ابنائنا في ابين، ويمولون قتل ابنائنا لبعضهم، لأنفسهم، لأهلهم، مدعين ان حربهم هي حرب على الارهاب متناسين ان الحرب هي الارهاب بعينه، فان لم تضع الانسانية حدا لأذرعه الارهاب والتجهيل والتخلف هذه فقد تقضي على الانسانية.
*صنعاء:* وهل بقيت انسانية في الارض يا عدن ؟! فمن يشاهدون الحرب والقصف الدموي للأطفال والمباني والطرق والمدارس والمصانع على شاشات التلفاز كل صباح ومساء، واصبحت الحرب بالنسبة لهم مجرد فرجة لمباراة حماسية على الشاشات فقد ماتت انسانيتهم.
*عدن:* اعلام مسعور يا صنعاء اوهم العوام من ابنائنا انها حرب دينية مقدسة بين السنة والشيعة بينما هي حرب مصالح دول ضحيتها العوام من ابنائنا السنة والشيعة، والمؤسف ان اصبح من لم يشترك في ميدان هذه الحرب من العوام يشترك فيها بتأجيجه الاعلامي لأكاذيب الاعلام الحربي والصراخ المثير للكراهية بين الاخوة وبني الانسان.
*صنعاء:* افعالهم على الواقع تناقض دعاية اعلام السلام الصاخبة التي تصور ان الحرب وشيكة، فلا يمكن منع الحرب والاستعداد لها في وقت واحد، ولا يمكن لهم ان يكونوا رواد العالم في السلام ورواد العالم في توريد اسلحة الحرب معا... فأخشى ان يطول البعاد يا عدن الحبيبة.
*عدن:* سنلتقي مجددا يا صنعاء متى استيقظ دعاة السلام، واوقفوا اوهام جنرالات الجشع، واعلموا طغاة الحروب والمستعمرين الجدد الطامعين في المكاسب انه قد مات طامعين البرتغاليون والانجليز والاحباش.... دون ان يشيدوا قصورهم على اراضينا ودون ان يستولون على حقوق شعبنا، وان ميراث الحرب دائما يذهب بددا، وان الانتصارات الحقيقية هي انتصارات السلام وليس الحرب، وان العدل اقل تكلفة من الظلم والامن اقل كلفة من الحرب، وان الطغيان والباطل وتصنيع وتصدير سياسات الفساد والكراهية يهدم عروش العز والمجد لا يقويها.
*طالب م 3، كلية الطب، ج. حضرموت.