اتجاهات:بقلم /عبدالرحمن بجاش
ذات لحظة، قرر العم علي محمد سعيد أن يتنحى..
لم تجبره دبابة ولم يحاصره جند..
بالهدوء المعتاد قال:
يا اخوان ويا أبناء، تعبت، لم أعد قادرا على الاستمرار رئيسا لمجلس الادارة، هكذا بدون بيان رقم واحد ولا أناشيد ومارشات عسكرية.. تقاطروا من كل حدب وصوب، وعقدوا مؤتمرهم في تعز، وقالوا:
أنت كبيرنا.. فاختر من تراه من بيننا بديلا..
فأشار إلى عبدالرحمن هائل رحمه الله وعبدالجبار.
كتبت يومها:
تعلموا التداول السلمي للسلطة من بيت هائل..
أتصل بي عبدالرحمن هائل: لم يشر إلى ماكتبت، بل لفت نظره أمر آخر:
أين أنت يازميل الدراسة من أيام القاهرة؟
أدركت سريعا أنه خلط بيني وبين بجاش آخر، قلت:
ياشيخ عبدالرحمن زميلك هو عبدالرحمن سلطان بجاش.
قال لي الحاج علي ذات لحظة:
ظل كثيرون يسموني: علي هائل، ولم يدركوا الأمر إلا حين قرؤوا اسمي بين أعضاء الحكومة أيام السلال.. نحن يا أبني لا نفرق بين أولاد هائل أو محمد أو عبده أو جازم، نحن نقول بالأكفاء ..
ظهرت بعد ذلك المؤتمر للمجموعة التهاني والتعازي باسم رئيس مجلس الإدارة الجديد عبدالرحمن، لكن قيمهم قالت بأن يظل علي محمد سعيد قبله، هنا الانساني يتقدم على الإدارى أو يتوازى معه، وهما عنوان مجموعة هائل سعيد أو بيت هائل، ليجمع بينهما العقل في إدارة طموحة، تدري إلى أين هي ذاهبة وماذا تريد..
وانظر، فقد تدخل القدر ليرقد عبدالرحمن على فراش المرض، ولأن هؤلاء القوم تحكمهم القيم الرفيعة، فقد ظل اسمه كما هو، لم يزاح بانقلاب !!!، لا .. هنا دولة الادارة والقيم.. لذلك لاتسمع أحدا منهم صغيرا أو كبيرا يهمس في أذنك عن هذا أو ذاك، بل تجد رجلا بحجم الحاج عبدالواسع هائل سعيد يقدم الشاي لضيوف محمد عبده سعيد في تلك الليالي التي كنا نادي شعب صنعاء نجلس إلى مائدة رئيس النادي.
ذات لحظة، قال لي الحاج:
يتصل بي الأخ عبدالله عبده سعيد يطلب مني النزول إلى تعز لمناقشة الميزانية، قال: يعطيني عبدالله الميزانية وقلمي بيدي: أين أوقع؟ يعود يقول: راجعها، أعود إلى القول: أين أوقع.. ثقة لاحدود لها.
هل سمعتم يوما ما يسيء إلى سمعتهم من الأكبر إلى الأخير؟
لا …
هالني ما رأيت في عرس ابنة الأخ محمد عبده سعيد في استراحة صنعاء، بمجرد أن هل الحاج علي حتى تدافع عليه شباب كثر، قال من بجانبي: أولئك شباب الأسرة..
وعن الطموح، ذات مساء وكنت أمام محمد عبده سعيد، عرض علي شعار المجموعة الجديد ” المنحنيات “، قال: ماذا تعبر، فلم اوفق في الرد، قال:
طموح بلا حدود..
العالمية …
كتب أحدهم منتقدا مجموعة هائل أنها أستعانت بخبراء من مصر، وحلل الأمر وقرأه قراءة مبتسرة..
هاهي النتيجة نراها الآن..
في العالم المتقدم، ترى الشركات الكبرى توظف كبار السياسيين مستشارين لها، هذا تقليد معمول به كما قلت لعلي عبدالعزيز العسكري ليل امس الأول وقد سألني عن رأيي في تعيين السفير البريطاني مسئولا دوليا في المجموعة، قلت خطوة كبيرة تؤذن بولوج المجموعة إلى العالمية.. الداهية كيسنجر مستشارا لأكثر من شركة عملاقة، بخبرته الغير عادية وخلفية “هارفارد” يضعها على الطريق الصحيح من خلال ما يقدمه من قراءة في متغيرات العالم التي يتحكم فيها الاقتصادي، وقد قيل إن السياسة اقتصاد مكثف..
من الآن ستكون مجموعة هائل ضمن البعد العالمي بين إمبراطوريات التأثير في القرار الدولي.. سيبتسم البعض، أقول هذا وأؤكده، ومن سيواصل الابتسامة بمغزاها الشخصي فليقرأ..
الآن مجموعة هائل لا ترفع اسمها قبل رفع اسم الوطن اليمني، فحين يشار إليها يضعون أصابعهم في الخارطة على اليمن من صعدة إلى المهرة.
ليس الأمر هنا أنهم من تعز وأنهم أصحاب وأن رمضان قرب موعد حلوله في الربى..
لا ..
الأمر أكبر من ذلك التفكير الضيق.. الأمر ببساطة أن الجناحين أشرعت وسط زرقة السماء .