في ذكرى رحيل كبير المحامين اليمنيين .. صقر السماوي يكتب : في ذكرى رحيل والدي الحبيب ..

في ذكرى رحيل كبير المحامين اليمنيين .. صقر السماوي يكتب : في ذكرى رحيل والدي الحبيب ..

في ذكرى وفاة والدي الحبيب
إلى من كان بعد الله تعالى له الفضل في وجودي إلى من رباني صغيرا ورعاني شابا وصاحبني كبيرا
إلى طيب القلب والنخوة والحب والعطاء والدي طيب الله ثراه وتغمده بواسع رحمته .
ليس رثاء متأخرا ما اكتبه الآن أو بحثا عن امثالك في هذا الزمان الذي قل وجود امثالك فيه ، وليس تمجيدا لك ، بل اكتب سعيا للتخلص من آهات الحنين والوجدان .
والدي الحبيب بعض الرجال يولدون في الزمن مرة واحدة لا تتكرر وانت منهم يا أبي. فقد كنت ظاهرة لن تتكرر ورغم تركك المكان لكن لم تتركك المكانة العظيمة التي نلتها التي كانت وستظل باقية لك لدى الجميع .
فراقك لم يكن سهلا ابدا فقد تركت وخلفت فراغا كبيرا ليس في ساحات القضاء ومحافل القانون فحسب ، بل في دروب الخير والاحسان فكما كنت فقيه القانون واستاذه ومرجع القضاء ونصير المظلومين والعدالة ، وعميد المحاماة وابرز مؤسسيها وروادها وابرز فرسان الكلمة واشجعهم ، فقد كنت ايضا صاحب المائدة الأوسع والقلب الأبيض ، وكنت للرجولة عنوان ، فعلمتنا أن الرجولة موقف كما كنت بحد ذاتك موقف بين الحق والباطل.
وكما عشت نظيف اليد مرفوع الرأس شامخا عزيزا حرا لا تقبل الضيم ولا تسكت على باطل . فقد عشت نفحات عروبة الأمة وقوميتها وحملت اوجاعها وآلماها .
ورغم كثرة اعمالك واعبائك فلم تشغلك عن اسرتك فربيت واحسنت التربية ووثقت عرى الأخوة والقربى ، وانشأت اسرة قوية متماسكة ستضل حيا بهم ومن خلال ما غرسته فيهم من مبادئك واخلاقك وشموخك . وبما تركته لهم من سيرة مهنية وعلمية واسرية عطرة ومشرفة وأياد بيضاء عملت في الخير فسبقتك إلى الله سبحانه وتعالى اعمالك، ودعوات اناس كنت لهم بالسر عونا يدعون لك بالرحمة والمغفرة والجنان . فإن مت ورحلت عنا بجسدك فما ماتت فضائلك التي بقيت بها حي في قلوب الناس في وقت بات فيه كثير احياء لكنهم في الناس اموات.
كنت ولا تزال موجودا وحيا معنا في واقعنا ومع كل من أحبك من الأبناء والأحفاد وزملائك وتلاميذك ، واصدقائك واخرين كُثر من شتى ربوع ابناء وطننا ممن مددت لهم يد العون وممن رفعت عنهم الظلم ونصرتهم .
فقد كنت انسانا بكل ما تعنيه الانسانية من معان سامية ، وكنت رجلا بكل ما تحمله الرجولة من معنى ، كنت متسامحا مع اعدائك قبل اصدقائك كانت روحك تسمو فوق الضغائن وكنت للبذل والعطاء نموذجا وللشجاعة بوصلة .
تعلمنا منك وتتلمذنا على يديك روح القانون واحكامه وقبل ذلك فقه الدين وعلومه ، كما تعلمنا منك كيف نختلف ونحترم اراء بعضنا البعض وعلمتنا أن الرأي فينا نابع من فكر اصيل يتوجب أن يخدم ديننا ووطننا ويتمثل قيمنا العربية والقومية وشريعتنا الغراء. كما علمتنا كيف نسمو بأرواحنا محلقين في سماء الكون نبحت عن مرضاة الله دون مرضاة البشر
والدي الحبيب احاول أن استرجع الزمن في ذاكرتي فكل يوم يمر بي يذكرني بعبقك وريحانك ورجاحة عقلك وسمو خلقك وشجاعتك واقدامك وكرمك وثمار عملك ومواقفك ناصعة الطهر والرجولة في ميادين الحياة واحترام الأخرين لك وأجد عزائي فيما اسمعه كل يوم ممن التقي بهم والسنتهم تلهج بالترحم عليك والدعاء لك والثناء على خصالك ومكارمك وتروي مواقفك الرجولية العظيمة معهم وهو اثـمن ما ورثته لنا وهو مصدر فخر لنا جيلا بعد جيل .
فما عسانا أن نفعل سوى أن نقول لك في ذكرى وفاتك وفي كل يوم سلام على روحك الطاهرة النقية سلام من جميع ابنائك ومن كل محبيك. وبأننا سنسير على خطاك بثبات وشموخ كما كنت شامخا .
نم قرير العين سنعيش على ذكراك فقد تركت فينا وفي كل من تتلمذ على يديك علما ينتفع به وهمة عالية باقية وعزم لا يلين وعملا في سبيل الخير وسلوكا على طريق الفضل والهدى بعون الله .
وفي الذكرى الأولى لوفاتك لا يسعنا إلا أن نرفع ايدينا إلى الله العلي القدير نسأله أن يتغمدك ووالدتي بواسع رحمته وغفرانه وأن يجعل قبريكما روضة من رياض الجنة وان يدخلكما الجنة بلا حساب ولا سابقة عذاب .

 

من صفحة المحامي صقر السماوي بالفيس بوك