الوحدة.. عنوان حاضرنا ومستقبلنا
الشعب اليمني كان موحداً طوال تاريخه وكل محاولات تقسيمه لم تنل من الوحدة، ينطبق ذلك على فترات عصر الدويلات والاحتلالات الخارجية والفترة الاستعمارية البريطانية والتي انتصر عليها هذا الشعب الحضاري العظيم بالمزيد من الوحدة، والتي لم تكن في التاريخ المعاصر إلا نتاجاً لمرحلة طويلة من نضالات وتضحيات الحركة الوطنية اليمنية، وتوجت بقيام الثورة اليمنية 26 سبتمبر 1962م ضد الحكم الإمامي المستبد لتفتح الطريق على توحيد المسيرة النضالية الواحدة للتحرر من الاستعمار البريطاني بتفجير ثورة الـ 14 من أكتوبر 1963م والتي ما كان لها أن تنتصر لتحقيق الاستقلال الناجز في الـ 30 من نوفمبر 1967م لولا تضحيات اليمنيين جميعاً والذين توحدوا في بوتقة واحدة دفاعاً عن ثورة 26 سبتمبر من التدخلات الخارجية وعن النظام الجمهوري تزامناً مع النضال للتحرر من الاستعمار البريطاني، وقد تصدرت الوحدة أهداف الثورة اليمنية »26 سبتمبر و 14 أكتوبر«.
وهكذا فإن احتفالات شعبنا بالعيد الـ31 لقيام الوحدة اليمنية تأتي في ظل أوضاع وظروف صعبة ناجمة عن الحصار والعدوان السعودي الإماراتي المستمر للعام السابع على التوالي، ولعل أبرزها احتلاله المحافظات الجنوبية والشرقية مما يؤكد أن هدف العدوان إعادة تشطير وتمزيق الوطن اليمني ليسهل السيطرة على أبنائه والهيمنة على موقعه الاستراتيجي ونهب ثرواته، ليصبح واضحاً وجلياً لأبناء شعبنا أن لا يمكنهم الخلاص من هذا الاحتلال والمعاناة والأوضاع المأساوية التي يعيشونها إلا بالحفاظ على منجز الوحدة والنضال تحت رايتها لطرد المحتلين الجدد بعد أن تبيَّن لهم الأهداف الحقيقية لمخططات العدوان السعودي الإماراتي والذي يسعى إلى تشطير اليمن وتمزيقه، وأي مشاكل وقضايا يمكن حلها بعد أن اتضحت الأسباب والعوامل التي أدت إليها وأوصلتنا في جانب كبير منها إلى ما نحن فيه.
وهنا لا بد من التأكيد على أن الوحدة ليست ملكاً لأشخاص أو لأحزاب أو لجهات بل هي ملك للشعب كله وهو صاحب المصلحة الحقيقية فيها ومعني بحمايتها والحفاظ عليها.
وينبغي القول دون مواربة إن تلك الأخطاء التي فتحت الأبواب للمؤامرات الخارجية الهادفة للنيل من الوحدة يتحمل مسئوليتها من شاركوا في السلطة منذ قيامها ولا فرق بين كونهم من المحافظات الشمالية أو الجنوبية، وهي أخطاء ينبغي الاعتراف بها لنتمكن من تصحيحها فالأخطاء لا تتحملها الوحدة بل القائمون عليها.
لهذا يتوجب علينا تحقيق العدالة في الثروة والسلطة بين كافة أبناء اليمن وهذا لن يتأتى إلا عبر مصالحة وطنية حقيقية يحققها حوار يتفق فيه الجميع -لايستثني احداً- على بناء دولة المواطنة المتساوية والعدالة بين أبناء الشعب الواحد وبما يمكن اليمنيين من إدارة شئونهم المحلية بأنفسهم عبر صلاحيات واضحة تحقق التنافس الإيجابي وتؤدي إلى النهوض الشامل للوطن كله.
وهكذا فإن الوحدة باقية وأن المستعمرين الجدد سوف يطردهم شعبنا كما طرد من سبقوهم وعليهم أن لا يركنوا إلى الظروف الاقليمية والدولية التي بكل تأكيد ستتغير، ولا إلى من ارتضوا العمالة وخانوا وطنهم من أبناء جلدتنا من أجل مصالح شخصية وارتزاقاً فهؤلاء كانوا دائماً موجودين في تاريخ كل الشعوب والأمم.
هذا هو موقف المؤتمر الشعبي العام وحلفائه ومعهم كل القوى الوطنية الشريفة وأبناء هذا الوطن العظيم.
ولأن العيد الوطني الـ31 للوحدة اليمنية يتزامن مع ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من عدوان صهيوني عنصري فإننا نؤكد على وقوف المؤتمر الشعبي العام إلى جانب هذا الشعب وحقوقه العادلة الذي يؤكد لنا جميعاً بوحدته أنه لا يمكن الانتصار إلا بالوحدة وبها سيتحرر من هذا الاحتلال الذي لم يعرف التاريخ مثيلاً لإجرامه وعنصريته.
وهكذا تتجلى حقيقة أن الوحدة اليمنية قدر ومصير شعبنا، كما أن الوحدة العربية قدر ومصير أمتنا، وما زرع الكيان الصهيوني في قلبها إلا لمنع تحقق الوحدة من التجسد في حاضر ومستقبل أمتنا.. ولذلك فإن وقوفنا مع فلسطين وشعبها العظيم هو وقوف مع أنفسنا كشعوب تتطلع إلى تكاملها لتنهض كأمة تحمل رسالة حضارية للإنسانية كلها.
ويقيناً فإن الوحدة هي عنوان حاضرنا ومستقبلنا كشعب يمني وأمة.
* إفتتاحية صحيفة (الميثاق)