وانا اقرأ عن خبر زيارة المجلس الانتقالي لدولة روسيا مع صورة لأعضاء الوفد والابتسامة العريضة تملأ الوجوه
وكأنهم ذاهبون لاعادة بناء العلاقة السياسية السابقة قبل قيام الوحدة اليمنية بين الاتحاد السوفيتي الذي انهار والذي كان يمثل للحزب الاشتراكي اليمني في تلك الفترة ( المرجعية العسكرية و السياسية والاقتصادية والثقافية ) ولا أحد ينكر إطلاقا انه لا سيادة ولا قرار يمتلكه الحزب الاشتراكي اليمني في تلك الفترة إلا ما يقرره السوفيت .
لن أتوقف في هذا المشهد الذي لا يضر باليمن فقط بل بالاقليم باسره ولكنني سأتوقف كثيرا في خلفية هذا المشهد والذي يقول فيه الأخوة في المجلس الانتقالي :
( نحن ماضون في البحث عن الدولة بمقاساتنا ووفقا لرؤيتنا رغم انف كل يمني في الشمال او في الجنوب ونرفض دولة الوحدة مطلقا سواءا كانت وحدة فيدرالية مكونه من أقاليم أو من أقليمين أو غير ذلك ) .
كل هذا لا يعنيني كمواطن يمني وحتى نكون منصفيين فالمجلس الانتقالي واضح في هذه المسألة دون أي غموض ويقدم خطابا سياسيا واضحا بهذا الخصوص و في كل المناسبات حتى أن الكثيريين يتهمه بالمزايدة والمتاجرة بهذا الموقف كونه في نهاية المطاف يجلس مع الشرعية ويشارك في السلطة ويعترف بهادي رئيسا
هذا الرجل الذي ربما يكون مؤمنا بما يسعى إليه إن كان هناك ما يسعى إليه لكنه يحتاج إلى أفق سياسي لكي يستطيع النظر جيدا للقضية الوطنية والتي لا يمكن أن تختزل في المجلس الانتقالي ورجال الشرعية الموجودون في الخارج على مختلف مشاربهم ولا يمكن أن تحل بالتماهي والطأطأة امام مؤسسات الممول أو بتقديم التنازلات السيادية أو القفز على القضايا الوطنية أو القومية .
القضية أكبر من ذلك بكثير ومعقدة القضية قضية بلد عظيم مترامي الأطراف ذو حضارة ضاربة في التاريخ ولا يمكن بهذه الطريقة تحقيق أي أهداف وطنية مشروعة إن سلمنا مجازا بطهارة القلوب وصدق النوايا وسمو الهدف .
عودا على بدأ ما يهمنا من هذه الزيارة وغيرها من الزيارات وغيرها من التصريحات وغيرها من التنازلات هو موقف الشرعية من كل ذلك ؟؟
يفترض أن المجلس الانتقالي بات اليوم شريكا في الحكومة ومن حقه أن يطرح كل ما يراه وأن يقدم رؤيته وأن يتحالف مع من يريد وأن يمارس كل ما يؤمن به ويقدم مبادراته ولكن في إطار الشرعية لأنه ان لم يفعل ذلك سيؤدي ذلك إلى خروجه واستبعاده من الحكومةهذا هو الوضع السياسي الطبيعي إلا أننا نرى العكس فالمجلس الانتقالي هو من يهدد الحكومة والرئيس الشرعي عندما يصدر أي قرار وهو من يحتج ويندد ويلوح بالانسحاب من الحكومة بل وإسقاطها وطردها أيضا من عدن .
مؤلم ما يحدث وكل مواطن يمني يمتلك ذرة من الوعي (حتى من انصار المجلس الانتقالي ) يدرك اليوم أن البلاد في مهب الريح وما زاد الطين بلة هو هذا الذي يجري بين الشرعية والانتقالي( لعبة القط والفأر) نتمنى من أصحاب الضمائر الحية ان كانوا موجودين في الشرعية أو حتى الانتقالي أو أي مكون سياسي آخر نتمنى عليهم تقديم مبادرة سياسية عملية وواقعيةلعلها تشكل مساحة مشتركة للتفاهم وقاعدة سياسية يمكن البناء عليها
اما هذه الخلطة العجيبة المتناقضة عجينة مشروع الاتحاد الفدرالي مع مشروع الانفصال هو أمر مضحك حتى الثمالة وشر البلية ما يضحك وبقدر ما يضحك ويبكي بقدر ما له تبعات خطيرة على الوضع السياسي والاقتصادي للبلد ولا أدري ما كل هذا البرود والجهل الذي يجثم على عقول وصدور هؤلاء السياسيون الذين لا تهمهم سوى مصالحهم الضيقة فقط فاستمرار هذه المهزلة سوف يودي بالوطن إلى الانهيار التام وفقدان كل معالم الدولة التي بالإمكان أن يعاد بناء مداميكها من جديد .
صحيح يؤلمني كثيرا كل هذا العبث والتمزيق والاستغلال السياسي الرخيص لما يعانيه وطني من ضعف وفقر واحتراب من قبل الصغار في الداخل والخارج ورغم أن المنطق يقول ان اليمن اليوم بات فوهة بركان إلا أني مؤمن يقينا بأن الوطن سينتصر رغم كل المآسي والفتن الذي تعصف به .
بقلم / حسن الكامل .